مجلة كلمة الله تعالى

(حكم شرعي – بقلم : الدكتورة نور ميري – العدد (54

54.4
بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صلي على مَن ملك القلوب و أنار الدروب الحبيب المصطفى عليه و على آل بيته و صحبه الأخيار أطيب الصلوات و التسليمات المباركة

على الرغم من أهمية الأحكام الشرعية و ضرورة معرفة مبادئها العامة الأساسية من قِبل كل فرد مسلم منا إلا أننا نجد الكثيرين من الناس في هذه الأيام يهملونها أو يخلطون بين بعض مفاهيمها

و لذا سأذكر بعون الله تعالى بعضاً من تعاريف المصطلحات الفقهية العامة والمعلومات الجميلة عن الأحكام عساها تحمل شيئاً من النفع و الفائدة بإذن الله تعالى وعملاً بقوله تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم : { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ .. } التوبة71

 

تنقسم الأحكام الشرعية إلى نوعين : أحكام تكليفية وأحكام وضعية .

الحكم التكليفي : سمي تكليفياً لأنه يتضمن التكليف (المطالبة من المكلّف) بفعل أو ترك فعل أو تخيير بينهما .

أنواعه عند الأصوليين من الحنفية : الفرض – الواجب – المندوب (السنة) – الحرام – المكروه تحريماً – المكروه تنزيهاً – المباح .

الحكم الوضعي : سمي وضعياً لأنه يقتضي وضع أمور ترتبط بالأخرى, كالأسباب للمسببات, والشروط للمشروطات .

أنواعه عند الأصوليين من الحنفية : السبب – الركن و الشرط – المانع – الصحيح و الفاسد و الباطل – الأداء و القضاء والإعادة – العزيمة – الرخصة .

و سأعرّف بعضاً من تلك الأنواع :

الفرض :

هو ما طلب الشرع فعله طلباً جازماً بدليل قطعي لا شبهة فيه . ,

كأركان الإسلام الخمسة التي ثبتت بالقرآن الكريم, و الثابت بالسنة المتواترة أو المشهورة كقراءة القرآن الكريم في الصلاة, و الثابت بالإجماع كحرمة بيع المطعومات الأربعة ( القمح و الشعير و التمر و الملح ) ببعضها نسيئة .

حكمه : لزوم الإتيان به, مع ثواب فاعله, و عقاب تاركه, و يُكفَّر منكره .

الواجب :

هو ما طلب الشرع فعله طلباً جازماً بدليل ظني فيه شبهة ( كأخبار الآحاد ), مثل صدقة الفطر, و صلاة الوتر و العيدين, لثبوت إيجابه بدليل ظني و هو خبر الواحد عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلم .

حكمه : لزوم الإتيان به , مع ثواب فاعله , و عقاب تاركه إلا أنه لا يُكفَّر منكره .

ملاحظات :

الاختلاف ما بين الفرض و الواجب عند الحنفية هو :

الفرض : ثبت طلب فعله بدليل قطعي لا شبهة فيه – يُكفَّر منكره .

الواجب : ثبت طلب فعله بدليل ظني فيه شبهة – لا يُكفَّر منكره .

و بذا فإن الفرض أعلى مرتبة من الواجب .

عند الجمهور غير الحنفية : الفرض و الواجب مترادفان بمعنى واحد و هو ما طلب الشرع فعله طلباً جازماً .

المندوب ( السنّة ) :

هو ما طلب الشرع فعله من المكلّف طلباً غير لازماً, أو هو ما يُحمد فعله, و لا يُذم تركه, مثل توثيق الدين بالكتابة ( بسند أو غيره ) .

حكمه : يثاب فاعله, و لا يعاقب تاركه, و قد يستحق اللوم و العتاب من الرسول .

و يقسم المندوب عند الحنفية إلى : مندوب مؤكد كصلاة الجماعة – و مندوب مشروع كصيام يومي الاثنين و الخميس, و مندوب زائد كالاقتداء بالرسول صلى الله وعلى آله وسلم، في أكله و شربه و مشيه و نومه و لبسه و نحو ذلك .

ملاحظات :

يسمى المندوب عند الجمهور غير الحنفية سنة و نافلة و مستحباً و تطوعاً و مرغباً فيه و إحساناً و حسناً .

اختار صاحب الدر المختار و ابن عابدين رأي الجمهور فقالا : لا فرق بين المندوب و المستحب و النفل و التطوع, و قد يلزم من تركه ثبوت الكراهية .

الحرام :

هو ما طلب الشرع تركه على وجه الحتم و ابدليل قطعي لا شبهة فيه, مثل تحريم القتل و شرب الخمر و الزنا و السرقة .

حكمه : وجوب اجتنابه, و عقوبة فاعله, و يُكفَّر منكره .

و يسمى الحرام أيضاً معصية و ذنباً و قبيحاً و مزجوراً عنه و متوعداً عليه .

المكروه تحريماً :

هو ما طلب الشرع تركه على وجه الحتم و الإلزام بدليل ظني كأخبار الآحاد , مثاله كالبيع على بيع الغير, و الخطبة على الخطبة, و لبس الحرير و الذهب للرجال .

   حكمه : الثواب على تركه و العقاب على فعله, و لا يُكفَّر منكره .

المكروه تنزيهاً :

هو ما طلب الشرع تركه طلباً غير جازم و لا مشعر بالعقوبة, كأكل لحوم الخيل – للحاجة إليها في الجهاد – و ترك السنن المؤكدة عموماً .

حكمه : ثواب تاركه, و لوم فاعله دون عقاب .

ملاحظات :

الاختلاف ما بين الحرام و المكروه تحريماً عند الحنفية هو :

الحرام : ثبت طلب تركه بدليل قطعي لا شبهة فيه – يُكفَّر منكره .

المكروه تحريماً : ثبت طلب تركه بدليل ظني فيه شبهة – لا يُكفَّر منكره .

المكروه عند الجمهور غير الحنفية نوع واحد : و هو ما طلب الشرع تركه لا على وجه الحتم و الإلزام – و حكمه : أنه يمدح و يثاب تاركه, و لا يذم و لا يعاقب فاعله .

المباح :

هو ما خيَّر الشرع المكلَّف بين فعله و تركه, كالأكل و الشرب – و الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد حظر أو تحريم .

حكمه : لا ثواب و لا عقاب على فعله أو تركه, إلا إذا أدى الترك إلى خطر الهلاك فيجب الأكل مثلاً, و يحرم الترك حفاظاً على النفس .

 

قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ” مَن يُرِد الله به خيراً يُفقهه في الدين ” * أخرجه البخاري و مسلم و أحمد .

اللهم علّمنا ديننا و فقّهنا فيه و اجعلنا ممن تحبهم و ترضى عنهم و آخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى