مجلة كلمة الله تعالى

(مروحة الرحمة – بقلم : معالي الدكتور لواء فلازي – العدد (76

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على سيدنا محمد ممد الرحمة من الرحيم ورحمته للعالمين صلاة تصلنا به معه وتسلمنا فيه إليه وعلى آله وصحبه وسلم

 

قامت شركة SINI بتصنيع أحدث مروحة على سطح الأرض , وهي مروحة لا تحدث ضجة أبداً , يمكن تشغيلها في أي وقت من اليوم , محمولة يمكن أخذها إلى أي مكان , تعمل بمجرد إرادتك لها أن تعمل , وليست محدودة فقط في إزالة الحر بالتبريد , بل يمكنها أن تزيل الهم والغم والإحساس بالضيق , فإذا كنت متضايقاً من شخص كل ما عليك فعله هو أن تقف أمام هذه المروحة وتريد لها العمل وما هي إلا ثوانٍ حتى يزول تضايقك ! تخيل , أما إن كنت خائفاً من لعمل تركته أو عدو يتربص بك فما عليك إلا أن تقف أمامها وتريد لها العمل , وما هي إلا ثوانٍ حتى يحل السلام والإطمئنان في قلبك ! تصور .. إنها بالفعل مروحة الرحمة. ولكنها وبالرغم من هذه الطاقات الخيالية مازالت بحاجة إلى طاقة الكهرباء لكي تعمل .

قال أبو محمد مدير مركز الفردوس التجاري لمندوب شركة SINI الأستاذ مَلَكيل

أبو محمد : يا أخي ما هذه المروحة الخارقة التي أنتجتها شركتكم ! لقد انهال الطلب عليها قبل موعد إنزالها على السوق وهاهي الطلبات متراكمة على مكتبي بالجملة والمفرق .

مَلَكيل : طبيعي أن تطلب الناس مروحة الرحمة هذه بهذا الإقبال , فالناس لا تعاني فقط من الحر في الصيف ولكنها تعاني من ألام وأحزان طيلة السنة وبحاجة إلى مروحة تزيل عنهم هذه الكرب .

أبو محمد : لولا أمانة ومصداقية شركة SINI التي عهدتها في المنتجات السابقة لما صدقت هذا الكلام ولقلت أنه هرطقة .

مَلَكيل : سترى ذلك بأم عينك عندما تشتري أنت مروحتك بنفسك , قل لي ما هي أول مشكلة تود أن تزيلها بمروحتك .

أبو محمد : بصراحة أم محمد أدامها الله تغار عليّ وتخشى على نفسها من ألم الغيرة إن تزوجت من إمرأة ثانية , ولكنها لا تمانع الشرع ولا تمنعني من ذلك , ياريت لو تزيل هذه المروحة عن أم محمد ألم الغيرة ومعاناة حب التملك .

مَلَكيل : يا سلام , لمثل هذا صنعنا هذه المروحة .

أبو محمد : ولكني لم أجد في البروشور الذي قدمته لي أي معلومة عن جهاز التحكم , هل يحتاج إلى بطاريات وما هو نوعها ….

وقبل أن يكمل أبو محمد كلامه قال مَلَكيل : ليس لها جهاز تحكم.

نظر أبو محمد مستغرباً , وقال : ليس لها جهاز تحكم ! صحيح أنها محمولة بسهولة ولكن ليس من المناسب كلما أراد الزبون تشغيلها أن … وقبل أن ينهي كلامه قال مَلَكيل : ينهض ويضغط زر التشغيل …

أبو محمد : نعم تماماً

مَلَكيل : إنها لا تحتاج لجهاز تحكم وليس لها زر تشغيل .

عقدت الدهشة لسان أبو محمد وظهرت على عينيه عبارة ” زدني علماً ” .

مَلَكيل : كل ما يحتاجه الزبون أن يضع الـ ABDI في مأخذ الكهرباء ويستلقي أمام المروحة و ….. يريد .

أبو محمد : يريد !!!! هذه سمعة جديدة.

مَلَكيل : نعم إنها تعمل بالإرادة .

أبو محمد : يا سلام , ممتاز .. فقط بالإرادة .

مَلَكيل : نعم فقط تريد فتعمل مروحة الرحمة وتزيل بها همك .

أبو محمد : ولكن ما هذا الذي يجب أن نضعه في المأخذ , ماذا أسميته ؟

مَلَكيل : نعم إنه القابس ABDI , لما كانت مروحة الرحمة تعمل بمجرد إرادتك لها أن تعمل كان لا بد أن يكون قابس المروحة ( القطعة التي يتم وصلها بالمأخذ لوصل المروحة بالكهرباء ) ذكياً للغاية , وهذا ما فعلته مخابر شركة SINI حيث طورت القابس A.B.D.i ولن ندخل هنا في أمور تقنية ولكن للتسمية فقط .

أبو محمد : فقط للاستيضاح , كل ما علي هو وصل ABDI بمأخذ الكهرباء ثم الاستلقاء بسكون أمام المروحة وإرادة الشيء فتعمل ويتحقق مرادي .

مَلَكيل : نعم , بهذه البساطة .

أبو محمد : يا أخي شيء لا يصدقه العقل ولكني لا أستطيع الإنتظار أكثر للبدء بالاستفادة من هذه المروحة .

مَلَكيل : غداً صباحاً تكون عندك البضاعة كلها .

أبو محمد : على فكرة , لعبتكم التسويقية أعطت نتيجة ممتازة وزاد الطلب على المروحة .

مَلَكيل : لعبة تسويقية !!!

غمز أبو محمد مَلَكيل وقال : ولو … لا يوجد بيننا غريب ونحن نعرف هذه الألعاب التسويقية , حددتم موعد نزول المروحة إلى الأسواق منذ ستة أيام ثم ولسبب غامض تأجلت إلى الغد , هذا جعل الناس تغلي وتنشر الخبر أكثر وأكثر , ولو أنك ترى إزدياد الطلبات عندي وعند جيراني مركز الغرف للتسوق و ميغامول السُرر الموضونة حتى السيد أبو غلام مدير مركز طوّافون قال لي أن الطلبات التي قدمت على المروحة في آخر يومين أكثر من كل الطلبات التي قدمت له خلال الأيام الأربعة الأولى …

مَلَكيل : يا أبو محمد مثل هذه المروحة لا تحتاج لأي فكرة تسويقية , الناس بحاجة ماسة لها , ولا يوجد في الكون كله من يستطيع أن يصنع مثل مروحتنا , فلماذا نلجأ لمثل هذه الحركات .

أبو محمد : نعم .

مَلَكيل : خاصة وأنك خبرتنا من منتجاتنا السابقة بأننا لسنا أصحاب ألاعيب ولكننا أصحاب حق .

أبو محمد : أبصم لك بالتسعة والعشرين .

مَلَكيل : نعم حصلت فترة زمنية بين التاريخ المعلن وتاريخ النزول , ولكن هذه الفترة كانت لازمة لبرمجة القابس ABDI .

نظر أبو محمد باستنكار , فما دخل القابس بالمدة .

مَلَكيل : كما قلت سابقاً لكي تعمل هذه المروحة على الإرادة , كان لا بد للقابس أن يكون ذكياً للغاية حتى يدرك تماماً ما تريده وينفذه , أليس كذلك .

أبو محمد : بالتأكيد.

مَلَكيل : وبعد البحث تبين أن الطريقة الوحيدة لتحقيق ذلك أن يكون القابس حر الإختيار .

أبو محمد : ماذا ؟ حر الإختيار ؟

مَلَكيل : نعم يجب أن يكون له حرية في الإختيار حتى يدرك ما تريد ويأمر المروحة بالعمل ويصلها بالتيار الكهربائي المناسب وتظهر من المروحة رياح خاصة بالطلب .

أبو محمد : إي والله , صحيح , كلامك صحيح .

مَلَكيل : المشكلة كانت يا أبومحمد هي أنه عندما سيتم تصنيع هذا القابس ذو الإختيار الحر , من المؤكد أنه قد يرفض أن يصل المروحة بالتيار .

أبو محمد : لماذا يرفض مادام في وصله للتيار منفعة الجميع .

مَلَكيل : لسببين إثنين , أكدتهما التجربة المخبرية

الأول وهو ما حصل مع القوابس من نوع ABDI 3 رفض أن يعترف بأنه قابس مروحة , وظن نفسه شيء آخر فأصابه الكبر ورأى نفسه قابس براد أو قابس مكيف , حتى أن هناك من القوابس من ظن نفسه كمبيوتر .

أبو محمد : معقول … يازلمة عجيب أمر هذه القوابس .

مَلَكيل : الثاني وهو ما حصل مع القوابس من نوع ABDI 2 راح باختياره يبحث عن السبب الذي يمنع المروحة من العمل , ويتوجه إلى المروحة ليصلحها , وبتحركه هذا لم ينتبه أنه يفصل التيار نهائياً عن المروحة , ورغم ذلك تراه يمضي الساعات بحثاً عن العطل الموهوم .

أبو محمد : لماذا لا تقولون له ببساطة أن العطل في تحركه .

مَلَكيل : لأنه يرفض أن يقبل هذه الفكرة , كيف لا وهو حر الإختيار , وقد وضعنا فيه أحدث ما توصلت إليه عقول العلماء والمهندسين والعباقرة , فصار يبحث بعلمه المكتسب عن حل لعطل المروحة في المروحة والحل هو بأن يكون ABDI ويكتفي بالتسليم والإكتفاء فقط بالوصل مع المأخذ .

أبو محمد : كيف تغيب عنه كل المعلومات الهندسية التي وضعتموها فيه ولا يستدل بها إلى بساطة الحل ؟

مَلَكيل : إن هذه المعلومات والاكتشافات الهندسية على حداثتها إنما هي ذات توجه تقني وليست مخصصة لكي يعرف الكائن ذاته وحقيقته , لهذا وضعنا مدة 6 أيام لكي ترى القوابس إندفاع الناس وحاجتها للمروحة وتضطر في النهاية أن تنفذ ما هو مطلوب منها وهذا ما حصل , فقد جُمعت القوابس الموهومة من النوع 2 و 3 وقيل لها على مدى الأيام الستة ” لقد رأيتم الخبص الذي وقعتم به إما لإعجابكم بنفسكم أو بالعلم الذي عندكم , بينما القوابس المسلّمة تعمل منذ أول يوم من الايام الستة وجاهزة للنعيم , وهاهي صور فيديو حية لآلام الناس وطلبهم لمراوح الرحمة ولهذا فمن سيسلم ويكتفي بالاتصال بالمأخذ سنعتمده ومن يستمر بالرفض سنرميه في مكب النفايات “

أبو محمد : بهذا الوضوح .

مَلَكيل : نعم , بهذا الوضوح .

أبو محمد : وماذا كانت قراراتهم الحرة ؟

مَلَكيل : منهم من كُشف هذا الكلام عنه غطاء الوهم باختياره , ومنهم من هو مصر على عناده ولم يبق لهم إلا بضع ساعات وتنتهي الأيام الستة , ويأتي اليوم السابع .

أبو محمد : لاحظت أنك قلت بأن هناك نوعين من القوابس الموهومة , النوع ABDI 2 والنوع ABDI 3 , فهل يوجد غيرهم .

مَلَكيل : مِن الموهومة لا , ولكن هناك النوع ABDI 1 الذي اختار الوصل مباشرة لمجرد أن تم تصنيعه .

أبو محمد : هكذا ببساطة ودون مشاكسة أو كلام .

مَلَكيل : إنها الفطرة يا أبو محمد .

أبو محمد : وهل هم كثرة .

مَلَكيل : بل قلة قلة , وهذا ما حسبت حسابه الشركة وجهزت الخطط البديلة لتعويض الخسارة , فصارت مراوح الرحمة السليمة أغلى .

أبو محمد : حلال عليهم , على كل أنا بانتظار الغد و نفسي أرى هذا القابس الذي ظن نفسه كمبيوتر .

مَلَكيل : لقد وصيت بوضعه في مروحتك .

ضحك أبو محمد و مَلَكيل لهذه الطرفة , ولما قام مَلَكيل للإنصراف سأله أبو محمد :

الشيء الوحيد الذي لم أفهمه هو لماذا كان هناك تنوع في القوابس وتنوع في كيفية الالتباس والانحجاب عن الطريق الصحيح رغم بساطة الموضوع , فقط الاكتفاء بالوصل بمأخذ النور , ورغم ذكاءها الخارق ؟

مَلَكيل وهو ينظر بجد في عيني أبو محمد : إنه لزوم الاختيار الحر يا أبو محمد , إنه لزوم الاختيار الحر .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى