مجلة كلمة الله تعالى

(حكم شرعي(2) – بقلم : الدكتورة نور ميري – العدد (56

56.4
بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صلي على مَن ملك القلوب و أنار الدروب الحبيب المصطفى عليه و على آل بيته و صحبه الأخيار أطيب الصلوات و التسليمات المباركة

على الرغم من أهمية الأحكام الشرعية و ضرورة معرفة مبادئها العامة الأساسية من قِبل كل فرد مسلم منا  إلا أننا نجد الكثير من الناس في هذه الأيام يهملونها أو  يخلطون بين بعض مفاهيمها

و لذا سأذكر بعون الله تعالى بعضاً من تعاريف المصطلحات الفقهية العامة و المعلومات الجميلة عن الأحكام عساها تحمل شيئاً من النفع و الفائدة بإذن الله وعملاً بقوله تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ .. } التوبة71 

  تنقسم الأحكام الشرعية إلى نوعين : أحكام تكليفية و أحكام وضعية .

الحكم التكليفي : سمي تكليفياً لأنه يتضمن التكليف (المطالبة من المكلّف) بفعل أو ترك فعل أو تخيير بينهما .

أنواعه عند الأصوليين من الحنفية : الفرض – الواجب – المندوب (السنّة) – الحرام – المكروه تحريماً – المكروه تنزيهاً – المباح .

الحكم الوضعي : سمي وضعياً لأنه يقتضي وضع أمور ترتبط بالأخرى , كالأسباب للمسبّبات , و الشروط للمشروطات .

أنواعه عند الأصوليين من الحنفية : السبب – الركن و الشرط – المانع – الصحيح و الفاسد و الباطل – الأداء و القضاء والإعادة – العزيمة – الرخصة .

 و سأتابع تعريف بعض تلك الأنواع :

السبب : هو ما يوجد عنده الحكم  لا به , سواء أكان مناسباً للحكم أم لم يكن مناسباً .

مثال المناسب : الإسكار سبب لتحريم الخمر لأنه يؤدي لضياع العقول , و السفر سبب لجواز الفطر في رمضان لأنه يؤدي إلى التيسير و دفع المشقة .

مثال غير المناسب ( أي بحسب إدراكنا ) : دلوك ( زوال ) الشمس سبب لوجوب الظهر , في قوله تعالى : {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ}  و عقولنا لا تدرك مناسبة ظاهرة بين السبب و الحكم .

ملاحظات :

و قد سمى بعض الأصوليين السبب الذي يكون بينه وبين الحكم مناسبة ظاهرة يدركها العقل ويمكن القياس عليها بالعلّة , كالإسكار سبب لتحريم الخمر – أي علّة تحريمه , فالعلة لا تكون إلا مناسِبة للحكم .

الشرط و الركن :

الشرط : هو ما يتوقف عليه وجود الشيء و كان خارجاً عن حقيقته. .

فالوضوء شرط للصلاة خارج عنها , و حضور الشاهدين في عقد الزواج شرط له خارج عنه , و تعيين المبيع و الثمن في عقد البيع شرط لصحته و ليس جزءاً من العقد .

الركن : هو ما يتوقف عليه وجود الشيء و كان جزءاً من حقيقته أو ماهيته .

فالركوع ركن في الصلاة  لأنه جزء منها , و كذا القراءة في الصلاة ركن لأنها جزء من حقيقة الصلاة , و الإيجاب و القبول في العقد ركن لأنه جزء يتكون به العقد .

ملاحظات :

الركن عند الحنفية : ما يتوقف عليه وجود الشيء , و كان جزءاً من حقيقته أو ماهيته .

الركن عند الجمهور : ما يتوقف عليه أساساً وجود الشيء , و إن كان خارجاً عن ماهيته .

3- المانع :

ما يلزم من وجوده عدم الحكم  أو بطلان السبب  .

مثال الأول : الدَين في باب الزكاة مانع من وجوبها عند الحنفية .

و مثال الثاني : الأبوّة مانع من القصاص .

– الأداء و القضاء و الإعادة  :

الأداء : هو فعل الواجب في الوقت المقدّر له شرعاً .

الإعادة : هي فعل الواجب ثانيةً في الوقت , كإعادة الصلاة مع الجماعة .

القضاء : فعل الواجب بعد انتهاء الوقت .

 و قضاء الصلاة المفروضة أمر واجب , لما رواه أنس في الصحيحين أن الرسول صلى الله عليه و آله و سلم قال : ” من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها , لا كفارة لها إلا ذلك ” و يقاس على الناسي و النائم من باب أولى : تارك الصلاة كسلاً ,  أو عمداً بغير عذر  شرعي . 

ملاحظة :

هذه الأمور ( الأداء و الإعادة و القضاء ) تُبحَث عادة مع الواجب الموسع : و هو الذي يتسع وقته له و لغيره من جنسه , كأوقات الصلوات المفروضة فإن كل وقت يتسع الفريضة صاحبة الوقت و أداء صلاة أخرى .

  

قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ” مَن يُرِد الله به خيراً يُفقهه في الدين ” * أخرجه البخاري و مسلم و أحمد

اللهم علّمنا ديننا و فقّهنا فيه و اجعلنا ممن تحبهم و ترضى عنهم و آخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى