اللهم صلي على مَن ملك القلوب و أنار الدروب الحبيب المصطفى عليه و على آل بيته و صحبه الأخيار أطيب الصلوات و التسليمات المباركة
على الرغم من أهمية الأحكام الشرعية و ضرورة معرفة مبادئها العامة الأساسية من قِبل كل فرد مسلم منا إلا أننا نجد الكثير من الناس في هذه الأيام يهملونها أو يخلطون بين بعض مفاهيمها
و لذا سأذكر بعون الله تعالى بعضاً من تعاريف المصطلحات الفقهية العامة و المعلومات الجميلة عن الأحكام عساها تحمل شيئاً من النفع و الفائدة بإذن الله وعملاً بقوله تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ .. } التوبة71
تنقسم الأحكام الشرعية إلى نوعين : أحكام تكليفية و أحكام وضعية .
الحكم التكليفي : سمي تكليفياً لأنه يتضمن التكليف (المطالبة من المكلّف) بفعل أو ترك فعل أو تخيير بينهما .
الحكم الوضعي : سمي وضعياً لأنه يقتضي وضع أمور ترتبط بالأخرى , كالأسباب للمسبّبات , و الشروط للمشروطات .
أنواعه عند الأصوليين من الحنفية : السبب – الركن و الشرط – المانع – الصحيح و الفاسد و الباطل – الأداء و القضاء والإعادة – العزيمة – الرخصة .
و سأتابع تعريف بعض تلك الأنواع :
السبب : هو ما يوجد عنده الحكم لا به , سواء أكان مناسباً للحكم أم لم يكن مناسباً .
مثال المناسب : الإسكار سبب لتحريم الخمر لأنه يؤدي لضياع العقول , و السفر سبب لجواز الفطر في رمضان لأنه يؤدي إلى التيسير و دفع المشقة .
مثال غير المناسب ( أي بحسب إدراكنا ) : دلوك ( زوال ) الشمس سبب لوجوب الظهر , في قوله تعالى : {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} و عقولنا لا تدرك مناسبة ظاهرة بين السبب و الحكم .
ملاحظات :
و قد سمى بعض الأصوليين السبب الذي يكون بينه وبين الحكم مناسبة ظاهرة يدركها العقل ويمكن القياس عليها بالعلّة , كالإسكار سبب لتحريم الخمر – أي علّة تحريمه , فالعلة لا تكون إلا مناسِبة للحكم .
الشرط و الركن :
الشرط : هو ما يتوقف عليه وجود الشيء و كان خارجاً عن حقيقته. .
فالوضوء شرط للصلاة خارج عنها , و حضور الشاهدين في عقد الزواج شرط له خارج عنه , و تعيين المبيع و الثمن في عقد البيع شرط لصحته و ليس جزءاً من العقد .
الركن : هو ما يتوقف عليه وجود الشيء و كان جزءاً من حقيقته أو ماهيته .
فالركوع ركن في الصلاة لأنه جزء منها , و كذا القراءة في الصلاة ركن لأنها جزء من حقيقة الصلاة , و الإيجاب و القبول في العقد ركن لأنه جزء يتكون به العقد .
ملاحظات :
الركن عند الحنفية : ما يتوقف عليه وجود الشيء , و كان جزءاً من حقيقته أو ماهيته .
الركن عند الجمهور : ما يتوقف عليه أساساً وجود الشيء , و إن كان خارجاً عن ماهيته .
3- المانع :
ما يلزم من وجوده عدم الحكم أو بطلان السبب .
مثال الأول : الدَين في باب الزكاة مانع من وجوبها عند الحنفية .
و مثال الثاني : الأبوّة مانع من القصاص .
– الأداء و القضاء و الإعادة :
الأداء : هو فعل الواجب في الوقت المقدّر له شرعاً .
الإعادة : هي فعل الواجب ثانيةً في الوقت , كإعادة الصلاة مع الجماعة .
القضاء : فعل الواجب بعد انتهاء الوقت .
و قضاء الصلاة المفروضة أمر واجب , لما رواه أنس في الصحيحين أن الرسول صلى الله عليه و آله و سلم قال : ” من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها , لا كفارة لها إلا ذلك ” و يقاس على الناسي و النائم من باب أولى : تارك الصلاة كسلاً , أو عمداً بغير عذر شرعي .
ملاحظة :
هذه الأمور ( الأداء و الإعادة و القضاء ) تُبحَث عادة مع الواجب الموسع : و هو الذي يتسع وقته له و لغيره من جنسه , كأوقات الصلوات المفروضة فإن كل وقت يتسع الفريضة صاحبة الوقت و أداء صلاة أخرى .
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : ” مَن يُرِد الله به خيراً يُفقهه في الدين ” * أخرجه البخاري و مسلم و أحمد
اللهم علّمنا ديننا و فقّهنا فيه و اجعلنا ممن تحبهم و ترضى عنهم و آخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين